تعيش جبهة البوليساريو الانفصالية مرحلة جديدة من الإحباط بعد تجاهل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، للمرة الثانية على التوالي، لادعاءاتها ومطالبها المتعلقة بالصحراء المغربية. فقد تجاهل فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان، الإشارة إلى مواقف الجبهة خلال الدورة الـ57 التي انعقدت بجنيف، مفضلاً التركيز على انتهاكات حقوق الإنسان في مناطق أخرى مثل أذربيجان ومالي وتونس.
هذا التجاهل ليس الأول من نوعه، إذ سبق لتورك أن خيّب آمال البوليساريو في الدورة الـ55 في مارس الماضي، عندما تجاهل ذكر ما تدعيه الجبهة حول "الحرب" ضد المغرب و"الاحتلال" المزعوم للصحراء المغربية. يأتي هذا في سياق تجاهل دولي متزايد لادعاءات الجبهة، مما يعكس موقفًا واضحًا من المجتمع الدولي بأن قضية الصحراء المغربية محسومة لصالح السيادة المغربية.
الانتهاكات الجسيمة في مخيمات تندوف
في المقابل، تستمر المنظمات الحقوقية الدولية في تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي تتعرض لها ساكنة مخيمات تندوف، حيث تدعم الجزائر جبهة البوليساريو في ارتكاب جرائم مروعة ضد الصحراويين.
تشمل هذه الجرائم الإعدامات الميدانية والاختطافات والاختفاء القسري، وهي ممارسات تهدف إلى تكميم أفواه الصحراويين الذين يفضحون فساد قيادة الجبهة.
وفي الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان، نددت منظمات حقوقية بانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الجزائر وجبهة البوليساريو في حق اللاجئين الصحراويين. ولفت الناشط الحقوقي فاضل ولد أبريكة إلى إعدام الجيش الجزائري، بالتنسيق مع قيادات البوليساريو، عشرات الشباب الصحراويين منذ مطلع هذا العام. هذه الإعدامات الميدانية تأتي في سياق حملة ترهيب ممنهجة تسعى لإسكات الأصوات المطالبة بالعدالة والمحاسبة.
الجزائر: شريك في الجريمة
تتحمل الجزائر المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات باعتبارها صاحبة الولاية القانونية على مخيمات تندوف. وقد دعا ناشطون حقوقيون، خلال مداخلاتهم في مجلس حقوق الإنسان، المجتمع الدولي إلى الضغط على الجزائر لوقف هذه الانتهاكات وفتح تحقيقات في الجرائم المرتكبة ضد "اللاجئين الصحراويين". ويأتي هذا في وقت تواصل فيه السلطات الجزائرية تفويض إدارة المخيمات لجبهة البوليساريو، وهو تفويض غير قانوني بحسب لجنة حقوق الإنسان الأممية.
مغربية الصحراء: موقف ثابت ومشروع
إن هذه الخيبات المتكررة التي تعيشها جبهة البوليساريو تؤكد عجزها عن كسب أي تأييد دولي لمواقفها. فالمجتمع الدولي يدرك جيدًا أن قضية الصحراء المغربية تمثل جزءًا لا يتجزأ من السيادة المغربية، وأن الجهود الدبلوماسية المغربية الرامية إلى إيجاد حل سلمي ومستدام للصراع قد حققت تقدمًا كبيرًا، خاصة مع انخراط المملكة في مبادرات تنموية تهدف إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لسكان الأقاليم الجنوبية.
في المقابل، تواصل جبهة البوليساريو التورط في انتهاكات جسيمة ضد الصحراويين في مخيمات تندوف، بدعم وتواطؤ من السلطات الجزائرية. هذه الجرائم، التي تشمل الاختفاء القسري والإعدامات، تعكس فشل الجبهة في تأمين أي نوع من الحماية أو الكرامة لسكان المخيمات.
إن مساعي جبهة البوليساريو لتزييف الحقائق وفرض أجندتها الانفصالية تواجه اليوم رفضًا واضحًا من المجتمع الدولي. ومع استمرار الانتهاكات المدعومة من الجزائر ضد الصحراويين في تندوف، تبرز الحاجة إلى محاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم. يبقى موقف المغرب ثابتًا ومدعومًا بالشرعية التاريخية والقانونية، في حين تتآكل مصداقية البوليساريو تدريجيًا في ظل فشلها المتواصل على الساحة الدولية.
بقلم: عبد المولى البقوشي
إرسال تعليق