غياب أي رد إيراني:
أعلن مسؤول العمليات في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني يوم أمس أن رد إيران على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية قبل أكثر من شهر في طهران سيكون مختلفا، ولن يتم الكشف عن طريقته. وأضاف المسؤول العسكري في تصريحات أوردتها وسائل إعلام إيرانية، أن طريقة ونوعية الرد ستعتمد على الظروف التي يمكنها أن تحقق أهداف طهران.
وحسب نفس المسؤول، إن فترة انتظار الرد على اغتيال هنية يمكن أن تكون طويلة حتى تتوفر الظروف المناسبة.
لقد وضع هذا
الأمر القيادة الإيرانية في مأزق، في الحين الذي تعالت فيه دعوات المتشددين في إيران
إلى الرد على الهجوم لاستعادة صورة إيران كدولة قادرة على الدفاع عن نفسها
والانتقام لمقتل حليف وثيق لها، وما يتناسب وخطاب خامنئي الذي على حد قوله أن
إسرائيل سوف تعاقب على فعلتها في التوقيت المناسب.
من الواضح أن
القيادة الإيرانية لا تستطيع أن تجازف بالظهور بمظهر الضعيف والمخاطرة بإلحاق
الضرر بمكانتها بين حلفائها ووكلائها في المنطقة، بما في ذلك حماس، وحزب الله في
لبنان، والمتمردون الحوثيون في اليمن، وغيرها من الجماعات الشيعية المسلحة في
العراق وسوريا، وفي نفس الوقت هناك اعتبارات أخرى تثقل كاهلها ان قررت الرد.
أزمة شرعية يعيشها النظام:
إن الرد العسكري
المباشر على إسرائيل قد يفتح صندوق الشرور أمام إيران، فقد يمهد الطريق أمام
المزيد من الهجمات المباشرة من جانب إسرائيل، وربما حتى اغتيالات تستهدف قادة
إيرانيين وهذا احتمال واقعي، فقد أظهرت إسرائيل استعدادها للرد على أي تهديد
بالقوة تحت مسمى الدفاع عن النفس. كما أظهرت قدرتها على تنفيذ هجمات دقيقة في الداخل
الإيراني، مثل الضربة الانتقامية التي وجهتها إلى نظام رادار في مدينة أصفهان بعد
هجوم إيران بالصواريخ والطائرات بدون طيار في أبريل الماضي، علاوة على ذلك فإن مثل
هذا التصعيد يشكل خطرا حقيقيا يتمثل في جر الولايات المتحدة إلى الصراع.
أتقنت القيادة
الإيرانية فن المعاداة في المنطقة، الى جانب معاداة أميركا التي أصبحت راسخة في الخطاب
السياسي للنخبة السياسية الإيرانية، وبالتالي إطارا للسياسة الخارجية الإيرانية. لكن
إيران نجحت حتى الآن في تجنب حرب مباشرة مع الولايات المتحدة، لأن ذلك يعرض كل شيء
للخطر والسبب في ذلك أن زعماء إيران يشعرون بالفعل بالقلق إزاء مستقبلهم السياسي.
والصراع مع إسرائيل والولايات المتحدة من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع بشكل خطير
في الوقت الحالي.
هناك فجوة حقيقية
بين قطاعات كبيرة من المجتمع والنظام الحاكم في إيران، فقبل عامين اهتزت إيران على
وقع احتجاجات جماهيرية مناهضة للنظام تحت شعار "المرأة، الحياة والحرية"
والتي بدأت ردا على وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها لعدم ارتدائها الحجاب بشكل
صحيح، لكنها سرعان ما تحولت إلى ثورة مناهضة للمؤسسة تطالب بـ "سقوط
الدكتاتورية" وإنهاء النظام الإسلامي.
لقد أتاح موت
الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية في ماي الماضي فرصة للنظام الحاكم للسعي
إلى المصالحة مع منتقديه الإصلاحيين، فتم فحص بيزيشكيان وهو عضو برلماني إصلاحي،
وتمت الموافقة على ترشيحه لخوض الانتخابات ليحل محل رئيسي بهدف زيادة نسبة
المشاركة في التصويت.
وقد أشار المرشد
الأعلى الإيراني مرارا وتكرارا إلى أن معدل المشاركة في التصويت هو بمثابة مؤشر على شرعية النظام، ولكن نسبة المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات لم تتجاوز %39.9 وهو أدنى معدل
في تاريخ الانتخابات الرئاسية في إيران، وحيث لم تصل إلا إلى 49.8% في الجولة الأخيرة
وهو ما أشار إلى عمق خيبة أمل العامة تجاه النظام السياسي، لذالك قاطع العديد من
الإصلاحيين الانتخابات واعتبروها مجرد خدعة وغطاء للنظام الحاكم.
لقد وصلت أزمة
الشرعية في إيران إلى ذروتها، مما يجعلها جاهزة لانفجار جديد والحرب مع إسرائيل أو
الولايات المتحدة قد تشعل فتيل هذا الانفجار.
الحل المحتمل أمام إيران:
تواجه القيادة الإيرانية معضلة حقيقية، فهي لا تستطيع التراجع عن خطابها المعادي لإسرائيل والولايات المتحدة والذي وضعت طهران إطار سياستها الخارجية على أساسه، لكن التصرف بناء على محاباة إسرائيل والولايات المتحدة من شأنه أن يعرض بقاء النظام للخطر، لذلك تسعى القيادة إلى تحقيق توازن متزايد الصعوبة.
ولعل تبادل إطلاق النار الأخير بين حزب الله وإسرائيل كان بمثابة الإجابة، فمن خلال دعم حزب الله تستطيع إيران أن تزعم أنها ألحقت الأذى بإسرائيل دون الحاجة إلى ضرب إسرائيل نفسها. إن هذا الهدف يهدف إلى إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل أبريل الماضي، وتعتمد هذه الاستراتيجية على إسناد القتال بالتفويض إلى حزب الله ووكلاء إيران الآخرين لحماية النظام الحاكم من المواجهة المباشرة ودرء التهديد الوجودي لحكم الزعماء. لكن قد يكون هذا خيار سلبي أمام ايران فقد تمنح هذه الاستراتيجية إسرائيل المبرر الذي تحتاجه لضرب الأهداف الإيرانية مرة أخرى.
مقال تحليلي في المستوى لأخي و صديقي محمد، كل التوفيق في القادم.
ردحذفلقد أصاب كاتب المقال حول الواقع الجيوسياسي بمنطقة الشرق الاوسط خاصة اللعبة الشطرنج التي تلعبها ايران عبر ذراعها العسكري حزب الله تم تحويل المقاومة الفلسطينية حركة حماس الى الدفاع عن مصالح ايران امام القوة الغربية ولكن انا أنظر ان إيران وإسرائيل ضرورة وجودية للولايات المتحده الامريكيه
ردحذفإرسال تعليق